آخر الاخباررئيسيسياسة

لبنان.. لـعنة الطائف والـطائفة

ساحة للصراع والتنافس بين القوى والهويات المختلفة، إعلامها مملوك وممسوك من زعمائها السياسيين، وزعماؤها مرتبطون بقوى خارجية: في زمن الرخاء يتنافسون على توزيع المكاسب.. وفي زمن الأزمات يتنافسون على توزيع الخسائر وتقاذف المسؤولية.

يقال إن اتفاق الطائف الذي صمم لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان أواخر الثمانينات هو من أسس لتقاسم السلطة الطائفي، لكن الحقيقة أن صيغة التقسيم هذه كانت حاضرة منذ استقلال بلاد الأرز عن الانتداب الفرنسي.. وما فعله اتفاق الطائف أنه قوننها ومأسسها!.

يعتقد كثيرون أن في لبنان «ديمقراطية» تمثل نموذجاً متقدماً، لكن عند التركيز في المضمون يظهر أن هذه الديمقراطية مزيفة، يتخفى خلفها لاعبون لبنانيون يتوارثون المواقع السياسية، ويتظاهرون بالموضوعية والعلمانية وقيم الدول المتحضرة، لكنهم غارقون في رؤاهم الطائفية والمناطقية والعائلية.. ففي الدول الديمقراطية يكون الفرد هو الأساس وليس الطائفة أو المذهب.

وفي لبنان الديمقراطي لا تزال عدة شخصيات تعدّ على أصابع اليد متفردة بالمناصب السياسية أو الحزبية منذ عقود طويلة، مثل نبيه بري الذي يترأس البرلمان منذ عام 1992 ويترأس حركة أمل منذ عام 1980!
أيضاً.. وليد جنبلاط يترأس الحزب التقدمي الاشتراكي منذ عام 1977، ورث قيادة الحزب عن أبيه كمال جنبلاط ويستعد لتوريث ابنه تيمور.

سمير جعجع يترأس الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية منذ عام 1986، كذلك سعد الحريري الذي ورث رئاسة تيار المستقبل والحكومة عن أبيه رفيق.. أما ميشار عون فقد أورث تياره لصهره، والأمثلة المشابهة عن باقي الزعماء المتحكمين بمصير لبنان أكثر من أن تحصى في هذا التقرير.

تسيّر قرارات زعماء بلاد الأرز قوى خارجية إقليمية ودولية، مرتبطون بها ارتباطاً تعجز الطبيعة عن فصله!.

فلبنان اليوم مثلاً من دون رئيس وبحكومة تصريف أعمال.. لأن انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة لم يكن يوماً لبنانياً صافياً، بل بفضل صفقات إقليمية ودولية.. ويبدو أن الصفقة الخارجية لم تنضج بعد!.

منذ استقلال لبنان تقاسمت كل من بريطانيا وفرنسا النفوذ في هذا البلد، لكن سرعان ما دخل لاعبون إقليميون ودوليون على الخط، حتى قيل إن الفترة الأكثر استقراراً في لبنان بعد الحرب الأهلية هي حين تقاربت وجهات النظر الأمريكية والفرنسية والسورية والسعودية فيه.

ولكن سرعان ما دخلت بلاد الأرز في دوامة الأزمات المتلاحقة، نتيجة الخلافات الإقليمية التي اندلعت عقب غزو العراق.. وكان أبرزها التباعد السوري – السعودي، ودخول إيران على خط التأثير في الداخل اللبناني، حتى درج القول بعد أحداث الربيع العربي إن الملف اللبناني مرتبط بالتفاهم السعودي – الإيراني!.

تابعونا عبر فيسبوك

إعلام العائلات والسفارات

منذ سبعينات القرن الماضي، شكّلت بيروت وجهة تمويل كبير لإعلامها من حكومات خارجية، وكان من المستثمرين العرب المشاركين في تمويل غرف الأخبار: صدّام حسين ومعمّر القذافي وزين العابدين بن علي فضلًا عن الأسرة الحاكمة في السعودية ودول الخليج.. وذلك لإدارة معاركهم السياسية ودعمها.

تعود ملكية المؤسسات الإعلامية بصورة مباشرة إلى زعماء الأحزاب والقوى السياسية ونواب في البرلمان ينتمون لهذه الأحزاب.

فأصحاب محطة OTV الأساسيون ميشال عون وأفراد عائلته، وأصحاب محطة NBN الأساسيون أقرباء نبيه بري، والمساهمون الأساسيون في تلفزيون المستقبل سعد الحريري ورفاقه في التيار.. ولكل حزب في لبنان إذاعة.. وهذه ليست إلا أمثلة قليلة.

سطوة القوى والعائلات السياسية على كل مفاصل الدولة اللبنانية جعلت أقلاماً ووجوهاً إعلامية تظهر كـ”مرتزقة” تعمل تحت الطلب لصالح هذه القوى والعائلات التي تحصل على تمويل من حكومات إقليمية ودولية، لتنفيذ أجندة إعلامية وسياسية تفيد هذه الحكومات!.

يقول لبنانيون إنه يجب إصلاح النظام السياسي القائم حالياً في البلاد.. لكنهم مع سنوات اليأس صاروا مقتنعين أن هذا النظام غير قابل للإصلاح!.

شاهد أيضاً: خوف أمريكي في سوريا يدفعها إلى “استراتيجية جديدة” ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى